أضحى ٢٠٢٢م/١٤٤٣هـ

 عيد آخر يمر... 

هذا العيد كان الوعي لفكرة الغياب أكثر، لا أعرف ما المناسب قول غياب أو عدم حضور، لا أظن أن كليهما في نفس المساق ينساقان، فكرة العدم بذاتها أصلا هي مصدر القلق، لكن كل ذلك لا يهم دام مقعده موجودًا وفارغًا في آن، مر عدد من الأيام، كان أكثر من الثلاثمئة بكثير، كل يوم يمر هو بمثابتة ثلاثمئة ذبحة ومذبحة، عيد آخر مر (بجميع تشكيلات حرف الميم يُقرأ)، أكتب الآن لألّا أنسى، أكتب لأتذكر اليوم والساعة والأحداث، أكتب لأُعيد تجرع المرارة ذاتها، تلك المرارة التي ما فتأت وتكررت لحظة بلحظة، مرارة الفقد والغياب.

وعي الغياب وعي الغياب وعي الغياب، وصداها دائم التردد، وعيٌ يقودنا لندرك أن إبراهيم بالفعل خرج ولن يرجع، لندرك أنه أدى الأمانة وغادر، لندرك حقًا أننا نركض ركض الوحوش لسبب معلوم مجهول، مجهول بصدق وعلم، غياب يوصلنا للمشاعر ووعيٌ يقودنا للتغير وإن كان رغمًا عنا وفهمٌ لمعنى الغياب الحاضر، إدراك للحال والمحال، وحبٌ لأشياء لم تكن على أي خاطر وبال، وترديد دائم لبيت كثيّر عزة الذي يقول فيه:"ما كنت أدري قبل عزة ما البكا ولا موجعات القلب حتى تولت".

عيد آخر يمر فيه من المجهول ما فيه، ومن الثبات والحب والخشية ما بهوّن علينا مصائب الدنيا وصعابها، آلاف الساعات مرّت وستمر بنفس السكينة والأمان، بنفس الثقة أن الموضع الذي هو فيه الآن أحلى وأغلى وأفضل، أفضل مما كان عليه بكثير، بملايين الساعات التي تحمل معها وعي الغياب.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسائل قد لا تصل ٢

يومياتي العزيزة

لماذا نكتب عند الحزن؟